أنت علمتني أن لا أخون ، لا أهين كرامتي ، لا أجادل كبريائي ، لا أهادن الظلم ..
إن رمت أيها الحر البهاء فمن موطنك البهاء ومن حبه والاخلاص له يعلو ضياء المجد وإن رغبت في صوت تسمعه كل العوالم فهو نداء الوطن لا نداء الأشخاص والأحزاب ، فالوطن هو رجاء الأبناء والشعوب لذا حق لي أن أقول ان العراق عنوان لكل رجاء في التحرر ورفض الضيم وإباء الذل والقهر وبالتأكيد ستكون أرض العراق يوما خاتمة العناء ، فالعراق لم يكن في يوم من الأيام جافيا لأبنائه حاشاه ان يؤلم شعبه بوجع الجفاء ولكن الجفاء نال شعبه جراء سياسة وخيانة الأعداء ، ولم يكن العراق نائيا يوما وإنما من تغرب عنه كان نائيا ، فأنت يا بلدي ملئ الضمائر وستبقى تنبض في العلن والخفاء ونحن نبكيك بصمت في مهاجرنا وبين أحضانك الدافئة لخيانة نالتك بلا وجل ولا استحياء ، والشواهد كثيرة وكثيرة في عراق الإباء ففي مؤتمر النساء العالمي يظهر نائب رئيس البرلمان السابق خالد العطية بكلمته ضمن فعاليات هذا المؤتمر ليؤكد على حقوق المرأة متناسيا انه كان نائبا لرئيس البرلمان والذي هو الجهة التشريعية التي يمكن لها ان تشرع قوانين تضمن حقوق المرأة العراقية مما يعكس النفاق والخطابات التي لا تسمن ولا تغني من جوع وما هي إلا عبارة عن تهريج للاستهلاك اليومي ، ومن النماذج الأخرى التي تمارس أساليب الخداع واستغفال والناس ، رغم أنها معروفة بخيانة العراق وسرقة ثرواته ، رئيس الوقف الشيعي السابق السيد حسين الشامي ، وربما يعلم الأغلب منا أن قرار إعفاءه من رئاسة الوقف الشيعي جاء على اثر فضيحة مالية معروفة للجميع وقد بالغ السيد نوري المالكي في سعيه من اجل لملمة هذا الملف والتغطية عليه ، يخرج المدعو الشامي على شاشة قناة الفيحاء من اجل ان يسطر كلمات الكذب والنفاق على لسانه ويقول ان المؤمنين يتحدون الإرهاب في زيارة الأربعين ، وراح يمتدح خطباء المنبر الحسيني الذين لا همّ لهم من ثورة الإمام الحسين (عليه السلام) سوى الحصول على الأموال ، ولم يتطرق الشامي صاحب فضيحة الاختلاسات المالية في الوقف الشيعي السابق الى المجاميع الغوغائية التي هتفت داخل الحرم الحسيني بهتافات (تاج تاج على الراس سيد علي السيستاني) حين لم يراعوا لأصحاب المصيبة من آل محمد (صلى الله عليه واله ) أي حرمة جراء الهتافات المعروفة الهدف والغاية ..
اليوم ، يا وطن التراحم والتلاحم والصفاء والثري بكل عناوين المحبة والإخاء ، ماذا حل بك حتى صرت فقيرا مستجيرا من الخواء ؟؟ وما هو ذنبك حتى حكموك بالدم والشقاء وحولوك الى افجع المتفجعين من الفناء ؟؟ فهم من اجل مصالحهم مستعدون لاحراقك يا موطني !! ومثال ذلك انفجار مدينة الشعلة في بغداد الذي أدى الى قتل اكثر من 50 وإصابة 80 شخصا وعلى اثر ذلك انتفض الناس ضد الأجهزة الأمنية واحرقوا سيارتين نوع همر ، والملاحظ عند المتتبع ان مستوى التفجيرات تراجع في الفترة التي توصل فيها السياسيون الخونة الى بعض الاتفاقات في مرحلة تشكيل الحكومة لكنها تعود اليوم بعد ان حصل الاختلاف وعدم الاتفاق بشان الوزارات الأمنية مما يعني ان علة وسبب هذه التفجيرات هي الأحزاب الشيعية والسنية نفسها التي تتزعم العملية السياسية ومع ذلك لم نر أو نسمع ان السيد السيستاني تدخل وطالب حكومته بإجراءات تحافظ على حياة المواطنين ولم نسمع أي موقف أو مطالبة منه أو مكتبه فيما يخص إخواننا المسيح الذين قتلوا وهجروا من بيوتهم لا ذنب أو جريمة سوى ان هذه الدولة الجارة أو تلك لا ترى في وجودهم ضرورة ، فلم نلاحظ تدخل ايجابي من قبل سماحته سوى التدخلات المعروفة التي تسبق موعد إجراء الانتخابات أو تصويت على الدستور أو الاتفاقية الأمنية وغيرها من ملفات تخدم الأجندة الامريكية الايرانية على حد سواء !! في وقت تضج فيه شوارع بغداد والمحافظات بأخبار مسلسل الاغتيالات بالأسلحة الكاتمة للصوت ومع ذلك نلاحظ تبجح الحكومة العراقية والمروجين لها من سياسيين وإعلاميين بالتقدم الأمني ..
إضافة للمؤتمرات التي تقام وصرف الملايين من الدولارات سواء المؤتمرات الفنية أو الإعلامية ومنها مؤتمر النساء في بغداد واربيل ورغم الإقامة والمشاركة في الآلاف من هذه المؤتمرات والندوات واجتماعات القمة واجتماعات دول الجوار العراقي وغيرها ضمن المحافل الدولية والوطنية ومازال العراق يسير من سيئ الى أسوء وعلى جميع الأصعدة من حقوق الانسان المغيبة ومروراً بملفات الخدمات التي لم تبصر النور بعد الى مؤامرات بيع العراق الى دول الجوار وأمريكا وإسرائيل ، وبعبارة أخرى ان هذه المؤتمرات ليس فيها أي جدوى سوى جلب الضرر على العراقيين لأنها لا تنعقد الى بعد صرف الملايين التي من المفروض أنها ترجع للمواطن العراقي الموجوع من ألم الجوع والمرض ..
ومن صور الخيانة التي صار العملاء يتفننون في صناعتها ما نشره موقع ويكيليكس حين كشف عن وثائق سرية تبين الدور الخطير لشركة زين العراق للاتصالات في تزويد الموساد الإسرائيلي بمعلومات عن تحركات ضباط في الجيش العراقي وعلماء عراقيين تمت تصفيتهم فيما بعد حيث يقول ويكيليكس ان فلسطينيا اسمه وائل غنايم كان متعاونا مع إسرائيل كان يشغل منصبا كبيرا في شركة زين وكان يراقب الهواتف الخاصة بالضباط والعلماء وينقل تفاصيل تحركاتهم للطرف الآخر ..
ومع كل ما يجري فأن الشعوب الواعية اكبر من كل هذه الخيانات والظلم والقهر وما استمرار المظاهرات الاحتجاجية في مصر العربية والمطالبة برحيل الرئيس المصري مبارك والحزب الحاكم من السلطة ليشتد الوضع ويصل الى العنف والقسوة المفرطة من قبل الجيش وقوات حفظ النظام إلا دليل على وعي الجماهير ورفضها لكل أشكال الظلم والاضطهاد وكبت الحريات ولخوف الطواغيت من وعي الشعوب وحرية اتصالها قام البعض منها بأساليب ووسائل للحد من التحركات الشعبية ومنها ما قام به النظام السوري من حجب موقع الفيس بوك عن المشتركين خوفا من انتقال المظاهرات والتحركات الشعبية والتي اثبت الواقع أنها لا تخرج إلا من قبل الواعين والمثقفين بل وأزيد من ذلك فمن يخرج لرفض الظلم والقهر ليس من وقعت وتقع على ظهورهم سياط الظلم وحسب بل ثبت من خلال ثورة تونس الخضراء ومصر الحضارة ان من خرج ويخرج ضد الظلم هم الرجال والنساء المتمكنون ماديا والمعروفون بعدم فقرهم مما يخلق تساؤلات واستفهامات لكل المظلومين ما بالكم تسكتون عن حقوقكم المسلوبة ؟؟!!
لكن بحق دجلة والفرات ومائها ، وأي ماء ؟؟ وبحق النخل الذي يأبى الركوع والانحناء ، وبحق كل دم أريق على أرضك وهو اشرف الدماء ستبقى جراحاتك يا عراق اعز واشرف أوسمة تعلق على صدورنا رمزا للإخاء والوفاء ، وستبقى يا بلد الحضارة كالمجرة المنيرة في السماء الى حد البهاء .. ، وسنبقى نحن أبناءك الأوفياء الذين آلوا على انفسهم كشف الحقيقة وإزالة اللثام عن كل من خانك وباعك بالأرذل الأدنى وبالثمن الابخس ، ونبقى نلامس دمائنا بدموع آهات أيتامك ودعاء المؤمنين ووجع الأبرياء حتى نضيف الى الحياة المروءة والنقاء ، كيف لا وأنت يا وطني فيك كل نخوة عظيمة بل أنت يا موطني تراب الأنبياء وصوتك يهز كل أرض تشعر بالحياء أسا وألما من وطئ أقدام ذئاب الصحراء وما جلبوه إليك من البلاء ، ولم تقف بوجههم أنك يا وطني الولي وأرض الأولياء وخانوا كل شريف في أرضك وكل أبي وإباء ، خانوا قباب النجف الأشرف ومآذن كربلاء ، خانوا مساجد الانبار وسامراء ، وذبحوك يا موطني عطشانا كما ذبحوا الحسين وآله وصحبه الظّماء ، أريد ان أبكيك لكن قداستك وطهرك تجل عن البكاء وأريد أن أرثيك لكن قناديل السماء تجل عن الرثاء كيف لا وأنت أرض الدم والبطولة والفداء ، وعذرا يا موطني ان بكيت فبكائي لضوء عيني الذي يريد إطفائه العملاء ويحاولون قتل كل من فيك من الأوفياء ، أبكي لأنك صرخة كل العطاشى اللذين ذبحوا بلا ارتواء سوى من دماء الحناجر حين تغرغر بالهواء ، ومع كل هذا فلك يا عراق نذرت نفسي وكل ما املك ، وأخلصت لك انتمائي ولك أنت لا لسواك يبقى طول العمر ولائي لأنك علمتني أن لا أخون ولا أُرائي وأن لا أهين كرامتي وأن لا أجادل كبريائي وان لا أهادن الظلم لأن بعد غد سيحرجني إبائي وان لا أقول بلا فعل رغم وجعي وآهات أصدقائي ، فأنت يا وطني زادي وكل مائي وأنت شرف أبنائي ، فقسما بكل صارم صقيل وشرف كل أصيل أن لا أساوم على وفائي مهما ساومتني الخطوب ولن تعلق الشبهات في ردائي وسأدافع عنك بكل صدق وسيملئ فمي الدعاء لك بالخلاص ..
حسام صفاء الذهبي
العمر
موضوع: أنت علمتني أن لا أخون ، لا أهين كرامتي ، لا أجادل كبريائي ، لا أهادن الظلم .. 
الأحد 30 يناير - 0:37
