أي عرض لم يلغ في عفافه الأدنياء وأولاد الأدعياء ؟؟

أريد أن أرثي العراق وكيف لي ان ارثي الكبرياء والجلال ؟! فبعد ان كان بلدي بلد كبير المعالي والبطولة تسمو منه الى العلياء وفيه يتجدد المجد والآلاء وهو يعلو وتبقى المحاجر غرقى في سناه وكلها أنداء ، آل الامر الى صار بيتا للاحزان والآهات بسبب أشخاص لا قيمة لهم ، حاولت ان ارثيك يا وطني لكن انى يرثى جنوح الروح للخلد وهي ماء ونور بلا كدر فيها ولا اختلاج ، صار فيها سيان الموت والحياة ، انا أرنوا اليك يا وطني وانت تتجلى كالشمس تحيطها الظلماء وكالاسد والقرود قد حوطته وهي دهماء والفجر مسفر وجهه بينما ما عداك من الوجوه معتمة سوداء فانت كلك وقفة للمعالي فكيف ابكيك وارثيك ؟! لا ، لا يليق بي عليك البكاء أفتبكى وانت نجم تتلألأ وكيف يصح البكاء إذا استقام النور والضياء ؟؟!! ..
لكني لست ابكي عليك ياألق الدنيا بل ابكي على المجد الذي غادر العلياء الى الحضيض ، أبكي بلادي ، أبكي وطني ، أبكي العراق كيف في لحظة طواه الوباء والبلاء ، وكيف وطئت هامة ذلك المجد وهوى ذلك الإباء ؟! وتداعى الى الارض كل ذلك البناء بين ليلة وضحاها وبين يوم وليلة تلاشت فيه كل تلك الاسماء والوجوه التي صنعت المجد والعلياء والتأريخ ، تاريخ بابل وآشور وأريدو وأور وحتى الوركاء كل ذلك وطئته أقدام الاعداء ، فأي حرمة بقت لبلادي وماذا ابقى لنا الفناء وأي ذمة لم تطأها الدماء ؟ وأي نفس لم تزهق وأي عرض لم يلغ في عفافه الادنياء واولاد الادعياء وأي نكراء لم تمارس والعجيب هنا أن وصل الحال الى ان نسيت الناس ان هذا هو الفساد والنكراء ؟؟!!
فأي حكمة عظيمة شائت أن يحتوي بلادي كل هذا البلاء ويصل أهلها الى أدنى مستويات الذل بعد ان كانوا يعيشون في عظيم الزهو والهناء وصار لحمهم يتعاوى حوله أقرباء الجوار وغرباء الدول فتصور اخي كيف صار الابعدون مجرد أكف والسكاكين التي بها تقطع اشلاء جسدي هي كلها أقرباء ؟؟!!
أين صرت يا أسدا كنت حين يذكر أسمك تتعرى من ذكره كل الاشياء ، كنت رمزا لفوارس العرب لطالما غنت وحلمت به الابناء وكنت تقدم لكل بيت في العروبة الغطاء والنور والستر فآل امرك الى هذا المآل لا وقاية ولا ستر ولا نور أغلقوا عليك يا وطني وأوصدوا كل الابواب بوجهك وحين فتحوها سالت الثعابين حتى ضاقت بها الشوارع ولم تدع شخصا من بلدي إلا لدغته بل حتى الصخرة الصماء !! فصارت كل دار في وطني فيها أفعى سوداء او عقربة سامة لها ارتباط بذلك الفرع الضيق في شارع الرسول ، واهلنا ينزوي الواحد منهم بعد الاخر وكأنهم يريدون ان يقضوا طول أعمارهم أبرياء !! اهكذا تكون المروءة وهكذا يكون الوفاء للوطن ؟؟!!
يا عراق لست عراقا ولست أرضا للثوار لو ضل فيك الظلم يتهاوى على الهامات وشعبك يرضى بهذا الذل والهوان ولم يبق فيك عرق إلا وسالت منه الدماء ..
فالشعب العراقي عانى ما عانى وتحمل أشد العذابات والظلامات طيلة عقود من الزمن وبسبب الحكومات الخائنة والعميلة للدول اعداء العراق الاسلامي والحضاري الأصيل وبعد مرحلة سقوط نظام صدام الديكتاتوري لا عجب ان نرى خطاب ساسة الكتل المتسلطة التي ارتضت لنفسها الخزي وعار الخيانة ان تدعي بخطابها ان أمريكا هي من عملت على خلاص العراق وشعبه من حكم الطاغية صدام وليس هي سبب بقدرة الله تعالى ، ويبقى هؤلاء الساسة ينكرون حقيقة ان امريكا اتفقت مع إيران الشر وبالخفاء في موقفيهما الخاص بالعراق ما قبل دخول القوات المحتلة للعراق لمصلحة امريكية _ ايرانية مستقبلية وعلى المدى البعيد رغم ما هو معلن في الشارع السياسي على ان امريكا وايران يعادي بعضهما البعض ، كما يجب أن لا ننسى دور الجماهير الشعبية المنتفعة من هذه الكتل السياسية ومباركتها لهذا الخطاب حتى وصل الأمر لهذه الجماهير انها ترحب بالمحتل الغاصب وقواته على اساس انها صديقة للشعب العراقي بل وصارت تستقبل افراد الاحتلال في بيوتها !!
ولو راجعنا تبعية هذه الجماهير السياسية لوجدنا البعض يدعوا لأحزاب وتيارات ومجالس تدعي انها اسلامية ومأوى هذه الاحزاب والتيارات والمجالس هو ايران العداوة وبفروع ومكاتب عديدة في دول الغرب الكافر في لندن وواشنطن وغيرها والبعض الآخر منها تدعي العلمانية في الطرح لتبقى مصلحة هذه الجماهير المنتفعة والمسيّسة لهذه الاحزاب والتيارات والمجالس واحدة وهي ان تكون يدها بيد المحتل الكافر ولو على حساب مصير وحق الوطن الجريح والشعب المظلوم ..
ومن الأساليب الرخيصة التي استخدمتها امريكا لكسب ود هذه الجماهير الجاهلة (الديمقراطية) وبواسطة عملائها في العراق خاصة الساسة في حكومة السيد نوري المالكي المدعومة من قبل مرجعية السيد السيستاني وغيرهم فكان المشروع المتفق عليه سلفا بين امريكا وايران وعملائهم في العراق على ان يسمح للمواطن العراقي بحرية التعبير لكن بشروط ، وايضا الخروج بمظاهرات على شرط ان تكون سلمية وأن يمارس طقوسه الدينية بحرية على ان لا يمس ذلك مصالحهم وغاياتهم الخبيثة !! لكي يكون القرار الأمريكي والإيراني بشأن الجماهير الشعبية في العراق موحدا بعد ان يضمنا أصوات هذه الجماهير وخنوعها ولتكون هذه الجماهير هي الرهان الأمريكي والإيراني في العراق وبمساعدة وواسطة عملائها في العراق وعلى رأسهم السيد السيستاني ومباركته لأي عملية سياسية في البلد يتصدى لها ساسة الكتل السياسية العميلة لأمريكا وإيران ..
وفي الآونة الأخيرة نجد ان الكثير من عامة الناس في عراقنا يباركون عمل الحكومات ويدعون لها بالنجاح على أساس ان هذه الحكومات أعطتهم الحرية الكاملة في ممارسة الطقوس الدينية ومنها الشعائر الحسينية من مسير الى كربلاء وإقامة مجالس العزاء الحسيني والطبخ في الشوارع ولبس السواد ونشره على سطوح البيوت والمحال وهكذا ومن جملة كلام عامة الناس (المهم نمشي للحسين حتى لو الحكومة ظالمة !!) ويشيدون بالمرجعيات الدينية وعلى رأسها السيد السيستاني كونه ومكاتبه وأتباعه عملوا على رعاية هذه المواكب والمجالس الحسينية باستقدام خطباء المنبر الحسيني العراقيين والمهاجرين في ايران ودول الخليج على وجه الخصوص وايضا تقديم الدعم المالي اللامحدود لهذه المواكب والمجالس وخطبائها الذين قدموا للعراق في ايام عاشوراء لدفع الناس للخروج عن المبدأ الحسيني الشريف في طرحهم ليقتصر هذا الطرح على الاحداث التاريخية لقضية الحسين فقط والبكاء واللطم وكأن القضية الحسينية مجالس روزخونية ولطم الصدور وبكاء العيون ويبتعدون كل البعد عن فضح السلاطين الجائرين الذي يعادون بالحقيقة الخط الحسيني الشريف من خلال ظلمهم وسطوتهم الباطلة وتطاولهم على حقوق المظلومين والحق ، إذن فحقيقة الديمقراطية التي جاءت به امريكا الغاصبة وعملائها من سياسيين ودينيين انما هي ديمقراطية الغرب الفاسدة والفوضوية الصرفة ، كما ان من ينعت الحكومات المتسلطة المدعومة من قبل مرجعية السيد السيستاني بالصلاح كونها سمحت لعامة الناس بأداء الشعائر الحسينية الشريفة بحرية فهذا من سخف القول وسذاجته كون الامام الحسين عليه السلام وشعائره لا تحتاج منا ان نأخذ اذن من احد كي نقيمها اذا كنا نحن حسينيون حقا فما بالك إن كان هذا الإذن من أهل النفاق والخيانة ؟؟!!
بالإضافة الى ان استقدام خطباء المجاملات على حساب الحق وايضا الدعم المادي والمعنوي من قبل مرجعية السيد السيستاني وأتباعه وساسة الغرب الغاية من ذلك كله هو تمييع الشعائر الحسينية وإبعادها عن اصلها وهدفها الحقيقي حتى تبقى هذه الشعائر حبيسة السير على الأقدام وإقامة المجالس المسيّسة والطبخ وينسى الناس أصل القضية الحسينية الشريفة من نصرة الحق والمطالبة بحقوق المظلومين والتصدي للحكام الجائرين ولاة القرار الديني والسياسي في العراق المظلوم ..
فسلام عليك يا أرض الشهداء وسلام عليك يا أرض الرايات حين تعلو في سمائك طلبا للحرية والعفاف ، ستبقى يا وطني سيف ماضي الوقع في الخلود له هيبة حتى وهو مغمود وحين يسل يجري الضياء بين شفرتيه حتى وإن كنت غائبا بل حتى وإن كنت ميتا فمنك تخجل الاحياء فرب موت صار سببا لأن يُعدّل الحياة جميعها وهذا ما سطره سيد الشهداء الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام مع اهل بيته وأصحابه في أرض كربلاء ، انت يا وطني جبل لا تهزه الأنواء ونحن سنبقى أبنائك الذين لا زال فينا منك ذاك الكبرياء والشموخ وستبقى عراقنا الزاهي الذي يضم قوما لو أطبق الكون ليلا أوقدوا كوكبا من الدماء ليضيؤا الطريق ، فانت ادرى بهم مني يا عراق فهم منك تعلموا العزم والاباء والشيمة والنخوة ودمائهم تطاول الشمس في العلياء فهنّ كالقناديل ما لهنّ انطفاء ، فنم هادئ البال قرير العيون سيدي العراق وسوف ياتي اليوم الذي يأتيك الخبر أن الارض ملأها ضياء العزة والعدالة والكرامة والاستقالال ..
http://up.arab-x.com/Jan11/9aI16269.jpg


حسام صفاء الذهبي