كشف القائد الشيشاني دوكو أبو عثمان الملقب بأمير إمارة القوقاز أسباب الشقاق بين المجاهدين في الشيشان ومنطقة القوقاز، مبينا أنها ترجع إلى سعي البعض للتشويش على أفكار المجاهدين، وعدم تنفيذ بعض قادة الجبهات لأوامره، ما أدى إلى قصور في الأداء وإثارة المجاهدين، معترفا بأن له أخطاء لكنه لم يعتبرها مبررا للخروج عليه.
وبث موقع "قوقاز سنتر" هذا الأسبوع تسجيلا لأبي عثمان باللغة الروسية وأورد ترجمة عربية لخطابه الذي تحدث فيه عن "أسباب الفتنة الواقعة بين المجاهدين في ولاية نخشيشو" (الشيشان).
ويأتي الخطاب بعد أسابيع من دعوة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين مجاهدي القوقاز إلى نبذ العنف والتكفير وسفك الدماء وقتل الأبرياء من المسلمين وغير المسلمين، مبررا دعوته بأن الإسلام حرم تغيير المنكر إذا أدى إلى منكر أكبر منه.
وقال القرضاوي في خطابه لأبناء الشيشان: "إنني أتوجه إلى أبناء الشيشان الذين يتخذون العنف والتوسع في القتل وسفك الدماء سبيلا للوصول إلى أهدافهم، غير مبالين بما يوجبه فقه الموزانات وفقه الأولويات وفقه المآلات، من رعاية اعتبارات كثيرة قبل الإقدام على عملهم. فأن الإسلام حرم تغيير المنكر إذا أدى إلى منكر أكبر منه، ولم يشرع إزالة الضرر بضرر مثله، فضلا عن أن يكون بضرر أكبر منه. من ذلك أمر الضحايا المدنيين البرآء من المسلمين وغير المسلمين، الذين يسقطون جراء العمليات التي يقومون بها".
وكان عدد من قادة المقاومة في الشيشان أعلنوا ابتعادهم عما ينفذه أبو عثمان أمير "إمارة القوقاز" لأسباب مقاربة لما ذكره القرضاوي.
لكن أبو عثمان الذي تناول أسباب الشقاق داخل المجاهدين قال في مستهل خطابه إن المجاهدين في الشيشان شعروا بأول امتحان لهم "في عامي 2009 - 2010، عندما خسرنا عددا من أمراءنا: ماجاس، وسيف الله الكباردي، وموسى موكوزييف، وسيف الله الداغستاني، وداود الداغستاني، وعددا من أمراء ولاية نخشيشو".
وأضاف أن السلطات الروسية بثت الفتنة في صفوف المجاهدين "بمساعدة أجهزة إستخبارات الكفار والمنافقين الجالسين في الخارج".
وساق أبو عثمان أربعة أسباب لهذه الفتنة، معتبرا أن أولها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يُجب إلى دعائه بألا يجعل بأس أمته بينهم.
وكان أبو عثمان يشير إلى حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "سَأَلْتُ رَبِّي أَلَّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالسَّنَةِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَلَّا يُهْلِكَ أُمَّتِي بِالْغَرَقِ فَأَعْطَانِيهَا، وَسَأَلْتُهُ أَلَّا يَجْعَلَ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ، فَمَنَعَنِيهَا".
وأضاف: "نحن نعلم أنه كانت هناك فتن بين المسلمين قبلنا وستظل بعدنا، ونحن لن نتجنب ذلك".
وتابع قائلا: "السبب الثاني هي أخطائي (...) لست معصوما، وربما تكون عندي أخطاء أكثر من أي من المجاهدين، ولكن أخطائي ليست سببا لخلع البيعة وتقسيم المجاهدين".
وأوضح أن المحكمة الشرعية التي أنشأتها جماعة "إمارة القوقاز الإسلامية" تنظر في هذه الأخطاء.
وأضاف أن "رجالنا الذين سببوا هذه الفتنة (...) جاؤني عند أول علامة للفتنة وطلبوا مني إصلاح أخطائي، وعيوبي، وأن يصبحوا مستشاريّ".
وتابع: "دعوني إلى مجلس شورى"، مشيرا إلى أنه خلال المجلس عبر هؤلاء عن اعتقادهم بأن القرار النهائي يجب أن يتخذه مجلس الشورى وليس الأمير. لكن أبو عثمان عارضهم قائلا إن القرار دائما يكون للأمير وليس لمجلس الشورى، أن الأمر لم يكن أبدا كذلك في عهد القائد الشيشاني السابق الشهيد أصلان مسخادوف.
وشدد على "أن القرار يبقى للأمير، لأنه هو المسئول أمام الله عن جميع أعمال كل مجاهد".
وأوضح أن هؤلاء الذين اتهمهم بالتسبب في الفتنة طلبوا أن تقسم إمارة القوقاز إلى عدة إمارات على غرار الإمارات العربية المتحد، بحيث تكون هذه الإمارات المنفصلة لها سياساتها الخاصة، وأميرها الخاص، ومجلس وزارء خاص، ويكون لها حق الانسحاب من الإمارة في أي وقت، وحق أن تمارس سياسة داخلية وخارجية حسب مشيئتها.
وأشار إلى أنه عندما رفض هذا الطلب بدؤوا يطلبون أن يسمح لهم بتشكيل مجلس وزاري خاص لولاية الشيشان وأن يعين وزير خارجية و"أن يقوموا بمحادثات منفصلة؛ لا أدري مع من، ولكنهم كانوا يقنعونني أنه ستكون هناك محادثات، وأن هذه المحادثات وشيكة، وأنه بعد هذا سوف نساعد إخواننا الآخرين في الحصول على الحرية.. وكأن إبليس نائم، وكأن الكافر نائم ويسمح بذلك"، في إشارة إلى روسيا.
وأوضح أنه وافق على عرضهم أن يعينوا أميرا لولاية الشيشان، ونائبا لأمير القوقاز.
لكن بعد مغادرة اجتماع الشورى قام المتسببون بالفتنة، كما وصفهم، بـ"إثارة المجاهدين وتدبير الفتنة التي التي عليها عقوبة شرعية، مستخدمين كل أشكال الهجمات غير اللائقة ضد الأمير. واليوم، نسمع تصريحات منهم بأنهم ليسوا ضد الإمارة ولكنهم فقط ضد الأمير" أبو عثمان.
وتابع: "أنا أقول أن هذا نفاق، إنه نفاق حقيقي. إذا كانوا ضد أبو عثمان، فعندها لدينا الشريعة (...) نعلم أنه وفقا للشريعة، إذا لم يرتكب الأمير كفرا، وإذا لم يترك الجهاد (الحمدلله، أنا لم أقم بذلك، وإن شاء الله، ليس عندي أي نية للقيام بذلك)، مهما كان الأمير قاسيا، وظالما لا يسمح لأحد بأن يخلع بيعته للأمير"، على حد قوله.
وأشار إلى أن المحكمة التابعة لإمارة القوقاز هي التي ستقرر ما إذا كان أبو عثمان مذنب، مضيفا: "إذا كان نعم، عندها أبو عثمان سوف يتحمل عقوبته". واستطرد: "المذنبون هم الإخوة الذين أثاروا هذه الفتنة. وإن شاء الله، إنهم سوف يتحملون عقابهم. ولا شك حول ذلك، وحتى لو تجنبوا العقوبة في هذه الدنيا، فعندها سوف يتحملونه في الآخرة أمام الله".
أما عن السبب الثالث لهذا الشقاق، قال أبو عثمان إن "بعض الأشخاص الذين هم منا، الذين يجلسون اليوم في الخارج، ومن الذين أداروا ظهورهم للجهاد، ونبذوا الجهاد وإستخدموا الأكاذيب والخديعة في زمن مسخادوف، فروا من القوقاز، ودخلوا في ناد شيطاني فتحه بوريس بيريزوفسكي السيء الصيت".
و بيريزوفسكي هو أحد أبرز أعداء النظام الروسي في المنفى ويقول أنه يسعى إلى إسقاط النظام بالقوة.
واعتبر أبو عثمان أن هؤلاء الأشخاص تحالفوا مع بيريزوفسكي الذي اعتقد أن لهم تأثير على المجاهدين في الشيشان أنه بإمكانه استخدامهم ضد أعدائه في الدولة الروسية.
وتابع: "هؤلاء الأشخاص (...) يعلمون أنه عندما يدرك أسيادهم -بيريزوفسكي وغيره- أنه ليس لديهم تأثير على المجاهدين، وأنه ليس لديهم "جوكر"، فإنهم سوف يطردون من النادي. لذلك، هؤلاء الأشخاص يقومون اليوم كل شيء ممكن للتشويش على عقول المجاهدين من أجل خديعتهم".
وأوضح أنه انخدع في البداية بأشخاص مثل بيريزوفسكي قائلا: "أقسم بالله، إنهم خدعوني! حتى 2007م، عندما توكلت تماما على الله ورفضت خدماتهم وقطعت العلاقات مع هؤلاء الأشخاص"، مؤكدا: "ليس أنا فقط، ولكن أميرنا السابق مسخادوف الذي قتل ما إن بدأ يعقد المحادثات مع هؤلاء الأشخاص. وأميرنا التالي عبد الحليم سعيدولاييف، قتل كذلك ما إن بدأ المحادثات مع هؤلاء الأشخاص، هؤلاء الأشخاص كانوا وسطاء في الحديث".
وتابع: "لذلك أسأل الإخوة، المخدوعين اليوم، أن يعدوا لوعيهم وينبذوا الخداع".
وبين أن السبب الرابع في الشقاق بين المجاهدين الشيشان هو عدم تنفيذ يعض قادة الجبهات للأوامر بشكل مناسب.
وأوضح أن بعض الأمراء في جبهتي الشيشان لم يقوموا بواجباتهم في الحصول على الطعام والذخيرة والسلاح والدواء للمجاهدين، معتبرا أنه لولا ذلك لم تكن هناك بيانات للمجاهدين التي اتهموا فيها أبو عثمان بارتكاب هذه الأخطاء.
واعتبر أن أولئك الأمراء تم فصلهم اليوم من مناصبهم بعدما تسبب تقصيرهم في إثارة المجاهدين وشاركوا في الفتنة.
وفي ختام خطابه دعا المسلمين الذين يعيشون في أوروبا إلى عدم إدخال الشقاق في صفوف المجاهدين، مضيفا: "إدعو أن لا يكون هناك إنقسام في صفوفنا، حتى نكون متحدين. إسألوا الله أن يساعدنا أن نقيم أحكام الله، لأن كل شخص مأمور بأن يعيش تحت هذه الأحكام، وكل شخص لا يعيش تحت هذه الأحكام سوف يسأل على ذلك".