إنتفاضة الأنبار ثورة شعب غاضب إنبثقت من صخب المعاناة ووجع الجروح بسبب طائفية الحكومة وفسادها هدير الشعب المنتفض وفقاعة دولة القانون!




( لتكن إنتفاضة الأنبار فوق أي إعتبار)
بلاشك إن طول فترة الإحتلال الجاثم على صدر الشعوب تتناسب تناسبا عكسيا مع فعاليات المقاومة الشعبية ومستوى الوعي الوطني والثقافي عند الشعوب. بإعتبار الأخيرين هما شرارة إنطلاقة المقاومة ضد الإحتلال، وسرعان ما تتحول الشرارة إلى بركان هائج، يحرق الاحتلال وذيوله من العملاء. لذلك تبذل قوى الإحتلال جهودا كبيرة واموالا سخية بغرض مسخ الثقافة الوطنية وإشاعة قيم التخلف والفساد الحكومي والاخلاقي والعبث بفسيفساء المجتمع المتجانس وتفكيكه إلى كيانات هشة متناحرة عرقيا ودينيا ومذهبيا وعشائريا، مع محاولات مستمرة لنزع صورة البلد من البوم الحضارة العالمية والإنسانية، ولصق صورة معتمة الملامح بدلا عنها.



وتعمل قوى الإحتلال على ضخ دماء ملوثة في أوعية الأمة النقية لإفسادها دمائها الزكية، وتعزز نوازع التفرقة العنصرية والدينية والمذهبية والحزبية والعشائرية وفق القاعدة الإستعمارية المعروفة" فرق تسد". وإحدى الطرق التي تعتمدها في نشاطها هذا هي شراء ذمم القوى المؤثرة في المجتمع كرجال الدين ورجال الإعلام والنخب الاجتماعية، علاوة على العملاء الذين ربتهم في مفاقسها الاستخبارية. لذلك يكون ضجيج أبواق الإحتلال أعلى من سمفونية المقاومة الوطنية بادئ الأمر. لكن مهما طالت فترة التشويش والتشويه والتحريف والجمود. فلابد للقيد أن ينكسر، ولابد للحق من ان يخرج لسانه من جوفه المظلم، ولابد للوعي أن يصحو من غفوته. ولابد للحق أن تعلو رايته. فهذا هو ديدن الشعوب، وهذا هو منطق التأريخ.

إنتفاضة الأنبار المباركة ستترك بلا شك بصاماتها القوية على تأريخ العراق المعاصر، شاء البعض أم أبى وأنكر. فالثورات والإنتفاضات الوطنية لا تحتاج إلى تراخيص من أحد لتنبثق وتتصاعد أبخرتها الثورية في كل أرجاء المعمورة، لأنها مرخصة أصلا من إرادة الجماهير الواعية وهذا بحد ذاته يكفي وزيادة. إنتفاضة الأنبار هي إنطلاقة جديدة في قاعدة الوعي العراقي الذي كان محط سخرية العرب والعالم بسبب جموده المفزع، وسكونه إتجاه خريفه المستديم الملبد بالرضوخ والذل والإستعباد.

إنتفاضة الأنبار، رسالة واضحة ومعبرة موجهة للعالم كله تكشف فيها المظلومية التي يتعرض لها الشعب العراقي عامة والسنة والأقليات خاصة من قبل الحاكم بأمر ملالي طهران. إنها معاناة كبيرة لم تجرِعلى شعب آخر، وهي لا تحتاج إلى عدسة لتكبيرها على أقل تقدير في نظر أصحاب الضمائر الحية والشرفاء في العالم. إنتفاضة الأنبار هي رسم جديد لكلمة العراق بالخط الكوفي وليس الفارسي! وُضعت فيها النقاط على الحروف لتوضيح المعنى وكشف المغزى.

إنتفاضة الأنبار، هي عتبة الثورة العراقية الكبرى التي سينطلق منها الشرفاء والغيارى لتحرير وطنهم السليب من الإحتلال الفارسي، وإيقاف المد الصفوي الشعوبي الحاقد. ستشتد الإنتفاضة يوما بعد يوم بضمها كل شرائح الشعب تحت جناحيها الدافئين، وتمتد لتشمل خارطة العراق كلها. تمتد وتشتد مهما تصاعدت لغة التحديات الرعناء والتهديدات الجوفاء، ومهما تكاثفت محاولات الدخلاء لتوجيهها ضمن مسارات مصالحهم الحزبية والشخصية، ومهما إشتدت محاولات الحاقدين لتشويه منطلقاتها الوطنية الخالصة.

إنتفاضة الأنبار، هدير بحر جماهيري غاضب إنبثق من صخب المعاناة ووجع الجروح بسبب سياسة الحكومة الطائفية المقيته وفسادها وتنفيذها لأجندات غير وطنية. وهي ليست فقاعة وتنتهي كما وصفها المالكي في لقاء له مع محطة حزب الدعوة إنها لغم سينفجر عليه. من يشبه معاناة الجماهير وتظلمها بفقاعة! فإن تفكيره ليس أثقل من فقاعة! وتهديد المالكي بأنها ستنتهي أو هو من يقوم بإنهائها عن طريق جيشه الطائفي. فإنه على وهم كبير! لإن إستخدام الجيش ضد الشعب سيزيد من كراهية الشعب للجيش المكروه أصلا. وستكون فكرة إستهداف عناصر الجيش والشرطة من قبل المقاومة الوطنية صائبة تماما وأكثر قبولا لدى الشعب، طالما إن الجيش في خدمة الحاكم وليس في خدمة الشعب، وطالما إنه يقف ضد إرادة الشعب وتطلعاته.

ان أوصاف المالكي لشعارات أهل الأنبار ب(النتنة) تدل على نتانة أفكاره وضحالة عقله. وهو بطرحه السقيم العفن هذا يحاول أن يتملق مقتدى الصدر الذي وجه رسالة عتب للأنباريين بسبب ترديد البعض شعارات طائفية أو بعثية على حد قوله. والغريب ان المالكي والصدر تركا الغرض الرئيس من التظاهرات وإهتما بقشورها( تركا التمرة وانشغلا بالنواة)! هل شعارات"هيهات منا الذلة" و" تبا لطهران والأسد" و"لا للطائفية والفساد" و" الأنبار تعانق كربلاء والنجف ضد الظلم والطغيان".و"كلنا حسينيون من الأنبار إلى كربلاء" هي فعلا شعارات نتنة؟ هل أصبح شعار الحسين(ع) نتنا في نظر المالكي؟ هل إشتم المالكي والصدر روائحا طائفية من كلمات الشيخ عبد الملك السعدي مفتي العراق، وسماحة الشيخ حارث الضاري رئيس هيئة علماء المسلمين؟ ان بعض أهل السنة إعترضوا على لغة الهدوء والتعقل والعفو التي تحدث بها الشيخان!

ثم كل هذه التمييز الطائفي ضد السنة وما زال مقتدى الصدر غير متأكدا من صحتها بقوله" سمعت إستغاثتكم من الحرب الموجهة من الحكومة ضد السنة. ان هذا الكلام إن كان صادقا وصدقا فأنا أشجب واستنكر تلك الحرب الوقحة"! عجبا! متى يصدق وكيف سيصدق الصدر هذه الحرب الوقحة؟ لماذا لايطالب بإحصائية من وزارة( الشمر حسن) عن عدد السجناء وهويتهم المذهبية؟ لماذا لا يسأل وزير التعليم العالي( علي الزندي/فارسي) عن عدد أهل السنه في ديوان وزارته؟ لماذا لا يسأل عن هوية قادة الفرق والألوية في الجيش والداخلية والاجهزة الأمنية؟ لماذا لا يسأل جماعته (جيش المهدي)عن المساجد التي اغتصبوها من أهل السنة ومازالت تحت سيطرة جيشه؟ وماذا عن جثث ما وراء سدة مدينة الصدر(جثث موظفي البعثات واللجنة الاولمبية)؟

ثم هل تجري تظاهرات الأنبار في قطر او تركيا لكي يطلق عليها المالكي" تظاهرات تركية- قطرية بإمتياز"! وهل أية تظاهرة تخرج في العراق سيكون ورائها التكفيريين والبعثيين والظلاميين؟ وهل هناك ظلاميون أكثر من المالكي ورهطه الفاسد؟ وهل بإمكان قطر او تركيا تنظيم تظاهرة مليونية في محافظة عراقية؟ وان تمكنتا جدلا! أليس الخزي والعار على الحكومة عندما يرفضها مليون من أفراد الشعب؟ يبدو أن قطر ستدخل في قائمة المالكي كدولة ممولة للإرهاب! ويتحدثون بكل صلافة عن أهمية المحيط العربي! قدم يا مالكي لشعبك البائس1% مما تقدمه حكومة قطر لشعبها قبل أن تنتقص من الآخرين.

القائد الذي يحترم شعبه ويحترم نفسه يستوجب عليه أن يضطلع بمسؤوليته الكاملة أمام الشعب، وأن يأخذ طلباتهم مأخذ الجد ويتعامل بحنكة ودراية مع مشاعر الجماهير لا أن يؤججها فيصب الزيت على النار، لأنها ستحرقه قبل غيره. نار الشعب هي النار التي تلي جهنم في قوتها وعذابها. هذا ما يجب أن يفكر فيه المالكي ورهطه الفاسد، لكنه يتخبط في دوامة من الفوضى، ويتصرف كأنه أعمى يبعد الخفافيش عنه بعصاه.

قبلها هدد المالكي أهل السنة بإعادة سيناريو الإرهابي ابراهيم الجعفري عام 2006 حيث قُتل عشرات الآلاف من أهل السنة على الهوية من قبل جيش المهدي وفيلق بدر وحزب الله وبقية المليشيات الأجرامية المدمجة مع وزارتي الدفاع والداخلية الطائفيتين. ويبدو ان المالكي لا يحسب أبعاد الزمان والمكان حسابا جيدا. إن أهل السنة عام 2006 هم ليسوا أهل السنة لعام 2013 وشيعة عام 2006 هم ليسوا شيعة عام 2013 إن ست سنوات من الظلم الطائفي والإستبداد والقهر الإجتماعي والفساد الحكومي وانعدام الخدمات وتردي كل قطاعات الحياة قد قلبت الموازين وأيقظت الضمائر عند الشعب بأجمعه.

صحيح هناك طوق طائفي حول رقبة المالكي ولكنه بدأ يتهشم تدريجيا. والدليل يتجسد بالغيوم الداكنه بين حزبه من جهة والتيار الصدري والمجلس الأعلى للثورة الاسلامية من جهة أخرى. كما إن مشاركة وفود شيعية من جنوب ووسط العراق دعما لإنتفاضة الأنبار دليل على ارتفاع مستوى الوعي الجماهيري عند الشيعة. لقد سأم الشيعة قبل غيرهم الحكومة الشيعية المحسوبة عليهم ظلما.

ما الذي حصل عليه الشيعة من الحكام الشيعة غير المزيد من الفساد والظلم والتردي والقهر؟ هل فتح المالكي مشاريعا زراعية وصناعية في المحافظات الجنوبية والفرات الأوسط؟ هل وفر لهم خدمات الكهرباء كبقية الشعوب؟ هل شرب أهل الجنوب ماءا عذبا؟ ألم تغرق محافظات الجنوب من أول مطر وتستغيث فلا مجيب! ومن يجيب؟ أليس مدارس الطين في الجنوب أم غيرها؟ الا توجد بطالة في الجنوب؟ الا يعيش البعض على المزابل؟ مثلما قذف أهل السنة الوغد صالح المطلك وسعدون الدليمي بالأحذية، فأن الدائرة ستدور عليك من قبل الشيعة. وإن غدا لناظره قريب.

في محاولة رعناء تدل على التشوش والتخبط العقلي ذَكرٌ المالكي بلهجة التشفي أهل السنة بحملات قتلهم وتهجيرهم عام 2006 حيث كان أحد من وحوشها الضارية. وهي صفحة من الأجدى أن تسمى(صفحة الغدر والكفر). الغدر بالأشقاء في الوطن، والكفر بالأخوة في العقيدة. صفحة دموية في تأريخ العراق عادت به الى العهد المغولي. كان من المفروض على المالكي أن ينأى عن ذكرها لو كان لديه ذرة من العقل والحكمة والغيرة على شعبه. لقد استفز بحماقته عيون الأرامل المتفجرة دمعا عن أزواجهن، وأثار شهوة الإنتقام عند الشباب الذين فقدوا آبائهم وأخوانهم خلال تلك الحرب الأهلية المفتعلة والتي فجرها ملالي طهران، وأسدل عليها الستار لسبب يعرفه المالكي أكثر من غيره؟

إذا كان يُعيب على أهل السنة بأنهم قتلوا على أيدي الميليشيات الشيعية وهُجروا من محافظاتهم لغيرها أو لخارج العراق فتلك لعمري جريمة وليست بطولة! خزي وعار، لا مكابرة وإفتخار. فضيحة وكفر لا إيمان ولاستر. فعلام يتباهي بأن ميليشياتهم قتلت وشردت أهل السنة؟ أهكذا يتعامل القائد مع شعبه؟ وهل لمن له هذه النظرة السوداء الحاقدة صفات قيادية تؤهله لإدارة دولة وقيادة شعب؟

إذا كان الهروب من شبح الموت جُبن وخوف برأي المالكي! فلماذا قضى هو نفسه نصف عمره هاربا خارج العراق مع قادة حزبه وبقية عناصر المعارضة أيام الحكم الوطني السابق؟ هل هروبهم كان شجاعة وهروب غيرهم جُبن؟ ثم عن أية جريمة قتلوا عشرات الآلاف من أهل السنة عام2006؟ ونسأل المالكي: برقبة من ستسجل تلك الضحايا يوم الحساب؟ أليس برقبتك ورقاب إبراهيم الجعفري ومقتدى الصدر وعبد العزيز الحكيم وباقري صولاغي وحاكم الزاملي وجلال الصغير وحازم الأعرجي وأبو درع ومن حذا حذوهم من الإرهابيين؟

نقول لمن سفكوا دماء المسلمين من السنة والشيعة: إن خلت لكم الدنيا فلا تنسوا بأن هناك آخرة وحساب شديد. وإن دماء الشهداء ولعنة التأريخ ستلاحقكم الى يوم الدين يا أبناء الضلال! ثم بدلا من يقدم المالكي وإئتلافه الاجرامي إعتذرا لأهل السنة ويلتمسوا منهم المغفرة والعفو عسى أن ينفعهم في الآخرة! فإذا به يُالصديق الحميمهم بلا حياء ولاضمير بقتلهم وتشريدهم. إلا لعنة الله على الظالمين.

ثم أين وصلت تحقيقات تفجير العتبات المقدسة في سامراء التي فجرت أحداث الحرب الأهلية عام 2006؟ هل الملف في مكتب المالكي أم في مكتب نجادي؟

إعتراف المالكي وتهديده أمر مهم وخطير للغاية يجب أن يوثق من قبل المنظمات الدولية والعربية العاملة في مجال حقوق الإنسان وكذلك مراكز البحوث والدراسات. وعلى أبطال الإنتفاضة الأنبارية المباركة أن يضعوه نصب أعينهم، ويتعاملوا معه من منطق العبرة والإعتبار. ويحملوا هذا الجزار البشري جزءا كبيرا من مسئولية الحرب الطائفية عام2006 لأنه قد إعترف بعظمة لسانه عن دوره الإرهابي في المجزرة الطائفية. وهو الذي ذكر أهل السنة بتلك الفاجعة الدموية المؤلمة، عن حماقة وغلٌ وتشفي!

فلا تنسوا يا أبطال الإنتفاضة الأنبارية المجيدة ما ذكركم به المالكي أبدا! نعم نحن نشكر الله على نعمة النسيان، لكن ليس لمن أجرم وقتل وأفسد وخان. لأنه سيبقى ما عاش على جرائمه مدان. نعم للتأريخ لسان، ولكن للحق ألف لسان.