بعد فحص وتدقيق كبير للأحداث الكروية وجدت أن قضية الأباتشي "كارلوس تيفيز" هي أبرز ما يُمكنني العودة به في قال وفعل فما أكثر التصريحات التي تداولت ما بين المدربين واللاعبين والمحللين الكبار حول هذا اللاعب المثير للجدل وقضاياه الشائكة بعدم الرغبة في اللعب ببطولة الدوري الإنجليزي والامتناع عن الإحماء في مباراة بدوري أبطال أوروبا والإعتراض على الجلوس كاحتياطي إلخ من مشاكل جعلت الكل يطلق عليه لقب "المتمرد"!

في صيف 2009 كان شغلي الشاغل هو متابعة ونقل كافة أحداث سوق الانتقالات الذي شهد انتقال ثنائي هجوم مانشستر يونايتد "كارلوس تيفيز وكريستيانو رونالدو" إلى مانشستر سيتي وريال مدريد - على الترتيب-، ووقتها خرج جيجز بتصريح قال فيه أن مانشستر لن يموت إذا ظل يَفقد نجومه النجم تلو الأخر، فكل عامين أو ثلاثة يودع أولد ترافورد نجم مؤثر ويبقى الفريق صامداً ويتمكن من تحقيق المزيد من الإنجازات، لكن ومنذ عام 2009 لم يستطع لاعب واحد في مانشستر يونايتد تخطي حد الـ30 هدف مثلما كان يفعل كريس صاحب الأرقام القياسية مع ريال مدريد الآن، وإن كان الدوري الإسباني أسهل بكثير مقارنةً بالإنجليزي القوي والمليء بالدفاعات الشرسة -ليس موضوعنا الآن-!.

ثم قرأت تصريحاً أخراً في نفس تلك الفترة لجلين هوديل -مدرب إنجلترا 1998- يقول أن مايكل أوين الذي جاء في صفقة انتقال حر بإصابات كثيرة من نيوكاسل أفضل من تيفيز وسيملأ مكانه وسيسجل الأهداف بغزارة، وبالتأكيد هذا الكلام غير صحيح وظهرت الحقيقة بعد ذلك، فشتان الفارق بين الاثنين، لكن هو مُجرد تعصب بعيد عن الواقعية مثلما تَحمس جيجز وقال أن مانشستر لن يفقد بريقه الهجومي وسيواصل حصده للألقاب.

بالفعل مانشستر يونايتد لم يمت ولن يموت لأنه فريق كبير وعظيم، لكن دعوني أسألكم سؤالاً بسيطاً، وهو: ماذا حقق اليونايتد أكثر من لقب الدوري الإنجليزي منذ خروج كريستيانو رونالدو وتيفيز؟؟ أتحدث عن البطولات وليس عن اكتشاف روني الهداف وبعض المواهب الجديدة!؟

اليونايتد حسب قول فيرجسون اقترب من برشلونة، وحسب قول انصار الفريق يعتبر ثاني أفضل فريق في العالم بعد برشلونة، لكن ما نعرفه جميعاً بالأرقام والحقائق أن مانشستر يونايتد لم يُحقق سوى لقب الدوري الإنجليزي فقط الموسم الماضي، وفي موسم رحيل كريستيانو لريال مدريد لم يفز إلا بلقب كأس كارلينج والإنجليز أنفسهم يسمون هذه الكأس بالكأس الشرفية!. أما درع الاتحاد الإنجليزي فهو درع خيري استعدادي لانطلاقة الموسم ليس بقيمة أبطال أوروبا أو حتى كأس الاتحاد الإنجليزي.

النتيجة= رحيل كريستيانو وتيفيز أثر تأثيراً سلبياً على خط هجوم مانشستر يونايتد الذي توجب عليه فيما بعد ضم عدد ضخم من المهاجمين أمثال (تشيشاريتو، ويلباك، ماكيدا، مامي ضيوف) لماذا؟ لكي يعوض رحيل اثنين فقط من مهاجمين وهذا يوضح قيمتهما التهديفية الهائلة؟؟!

قال:



جماهير مانشستر يونايتد كانت تعرف جيداً أن تيفيز لاعب مهم في صفوفها ويُمكنه في أي وقت انهاء أي مباراة لصالح الفريق مهما كانت قوتها، والدليل أن أخر فوز حققه الشياطين على ملعب أنفيلد روود كان بهدف الأباتشي ومنذ ذلك الوقت لم يخسر ليفربول على ملعبه رغم وجود تشيشاريتو وروني وبيرباتوف وعدد أخر من المهاجمين ولاعبو الوسط أصحاب النزعة الهجومية كلويس ناني، ومؤخراً ذهب فيرجسون ليُدافع على ملعب أنفيلد روود (خوفاً من الهزيمة) بعد أن كان قوياً عتيداً يحقق هناك الفوز بسهولة لدرجة دفعت بعض عشاق اليونايتد بوصف أنفيلد روود بملعبهم الثاني في إنجلترا وهذا رأيته بأم عيني في منتدى إنجليزي لليونايتد عام 2006 وقت الرباعية التاريخية في الكأس!.







عدد كبير من جماهير مانشستر يونايتد طالب سير أليكس فيرجسون والمدير التنفيذي للنادي "ديفيد جيل" بالإبقاء على الأباتشي وشراء عقده من الشركـة المالكة له بمبلغ 25 مليون جنيه إسترليني لمدة 5 سنوات مع ضمان مشاركته كأساسي أغلب فترات موسم 2010/2009 فإذا تعرض واين روني لإصابة (وهو ما كان في مارس 2010) سيُعاني الفريق ويخسر في الردهات الأخيرة وتيفيز البديل الأمثل له وليس بيرباتوف فنان إهدار الفرص، لكن فيرجسون ضرب بأمنيات الجماهير عرض الحائط وإدعى العمى حين كتب بعض الأنصار على اللافتات داخل أولد ترافورد تطالب ببقاء تيفيز كـ(سنفتقدك تيفيز، أرجوك لا ترحل عنا!) وقال فيرجسون بعد ذلك أن تيفيز رفض الاستمرار ليرحل في صمت والحزن يَفطر قلوب الأنصار.

ورغم بعض مخالفات تيفيز كتشاجره مع جاري نفيل في مباراة كارلينج وتصريحاته المثيرة للصحف الإنجليزية ضد فيرجسون إلا أن عدد كبير من أنصار اليونايتد ظلوا يقدرونه ولم يجرؤ أحد على محو تاريخه الرائع مع الفريق بالذات ذلك الدور البارز في الموسم التاريخي 2008/2007 حين ساهم بصورة واضحة في قيادة الفريق للفوز بلقبي الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا.

مـوقف أنصار مانشستر سيتي لم يختلف كثيراً عن موقف اليونايتد في تقدير واحترام تيفيز، فعندما تمت صفقة انتقاله للسيتي أوف مانشستر قاموا بتصميم لوحات ولافتات عريضة وعلقوها على الأماكن العامة والميادين داخل مدينة مانشستر ونكاية في عشاق الشياطين الحمر كتبوا على تلك اللافتات "أهلاً بك في مانشستر" وكأن تيفيز طوال عامين لم يكن وصل بعد مانشستر !!؟ وكأن اليونايتد فريق لا ينتمي للمدينة.

هذه اللافتات أثارت فيرجسون جداً، وأخرجته عن شعوره ليصف جماهير السيتي بالمتعجرفة الغبية !! نعم الأمر وصل لهذا الحد بسبب هذا اللاعب الذي أحبته جماهير مانشستر يونايتد وقالت لا ترحل.. وعشقته جماهير السيتي منذ الوهلة الأولى وقالت أهلاً بك في مانشستر.

جماهير السيتي هللت لتيفيز وهتفت باسمه من مباراة لأخرى وشجعته مع كل لمسة وهمسة، وصفقت له مع كل هدف وتمريرة حاسمة، حتى صار الهداف الأول لهم في ظرف موسمين ببطولة الدوري وبات هو الأفضل بالنسبة لهم في العصر الحديث منذ المسمى الجديد لدوري عام 1992 (بريميرليج) برصيد 43 هدفاً.

فكان من الطبيعي رؤية أشياء عجيبة في مدرجات ملعب السيتي ونحن نتابع مباريات الفريق، فتارة رأيت علم عملاق وكبير جداً لم أره سوى في ملعب ليفربول للأسطورة "كيني دالجليش"، وهذا العلم كان باللون السماوي وطُبعت أو رُسمت -لا أعرف كيف- صورة ضخمة لكارلوس تيفيز عليه بالضبط كصورته على اللافتات العملاقة في الشوارع والميادين التي وضعت صيف 2009 وتحت كلمة أهلاً بك في مانشستر!.

وفي الموسم التالي بعد تصدره لقائمة هدافي الدوري الإنجليزي برصيد 21 هدفاً بالتساوي مع بيرباتوف وفوزه بلقب كأس الاتحاد الإنجليزي وجدت فتاة جميلة في ملعب سيتي أوف مانشستر تحمل وشاحاً باللون المساوي طُبع عليه صورة تيفيز وكتب عليها: "كارلوس ألبرتو تيفيز أحمر مرة ..وأزرق إلى الأبد"!!.

اذاً جماهير اليونايتد عشقته، وجماهير السيتي أحبته، ومن قبل هؤلاء جماهير ويستهام الذين لم ينسوا حتى الآن فضله في إبقاء الفريق ببطولة البريميرليج عام 2006 بأهدافه الحاسمة في الجولات الأخيرة، وهذا ما دفعه ليقول: "سأعود في يوم من الأيام إلى الأبتون بارك لأنني عاشق ومشجع لويستهام يونايتد".

فعل؟



تيفيز كان يسير بخطٍ ثابته مع مانشستر سيتي الموسم الماضي، ويسجل الأهداف تباعاً دون أدنى مشكلة، لكنه بدأ يَحن للوطن، وهذا أمر يحدث لأي إنسان طبيعي يعمل بشغف وقوة حتى يأتي وقت لا يعرفه أحد ليشعر بالحنين للوطن وللعائلة، فيضطر قبل نهاية عام 2010 لتقديم طلب رسمي بالرحيل عن مانشستر، لكن الإدارة لم تحترم الطلب، فإلتزم وواصل حياته بشكلٍ طبيعي ولم يدع الإصابة كما أشيع ورأيناه خارج نطاق الخدمة مع الأرجنتين في كوبا أميركا 2011، وفي تلك الأثناء أي بعد نهاية الموسم الإنجليزي كرر طلبه المُلح بالانسحاب من مانشستر، لكن الإدارة لم تنصاع لرغبته رغم أنها ذهبت لمفاوضة عدد ضخم من المهاجمين الجدد ونجحت في أخذ توقيع (أجويرو) ودجيكو بدأ يتأقلم بعد أخذه راحة صيفية (على أعلى مستوى).

لم يحترم أحد رغبات (تيفيز الإنسان) فأدت الضغوطات لسقوطه في المحظور برفض إجراء العمليات الإحمائية مع مانشستر سيتي في مباراة بايرن ميونيخ، فأدت هذه الغلطة الوحيدة الواحدة لــــ؟؟

لنسيان كل شيء جميل لهذا اللاعب من جماهير كرة القدم في مدينة مانشستر وقاموا معاً بتلوين سيارة قمامة باللونين الأحمر والسماوي تحت شعار حملة تخلص من قميص تيفيز الآن!؟

الحملة تم إطلاقها بين جماهير الناديين قبل ديربي مانشستر في الدوري الإنجليزي خلال الجولة التاسعة على ملعب أولد ترافورد، وتتلخص في قيام عربة مخصصة لجمع القمامة بالتجول في شوارع المدينة لتجميع ما يمتلكه مشجعو اليونايتد والسيتي من قمصان تحمل اسم الأباتشي المطلوب بقوة في بوكا جونيورز هذه الأيام بعد إصابة المهاجم الأساسي فياتري.

وقسمت العربة كما هو واضح في الصورة لنصفين، النصف الأول يحمل صورة اللاعب باللون الأحمر للإشارة لمانشستر يونايتد والنصف الثاني يحمل صورته باللون السماوي في إشارة لألوان مانشستر سيتي.

الكارثي أن المتحدث الرسمي باسم هذه الحملة غير النظيفة ويُدعى (أليكس بايك) قال في حديث نشرته صحيفة ديلي ميل "تيفيز يُحبط دائماً مشجعي الأندية التي يمثلها مهما كان هذا الفريق، وعلى الرغم من أن هؤلاء المشجعين لم يتفقوا على شيء من قبل لاختلاف ميولاتهم لكنهم أخيراً اتفقوا في رغبتهم في رؤية تيفيز خارج مدينة مانشستر ككل في يناير المقبل".

يبدو وأن الكابتن أليكس بايك قد نسى أو تناسى أن تيفيز سيخرج من مدينة مانشستر تاركاً خلفه 19 هدفاً بقميص اليونايتد من 63 مباراة في عامين فقط، و43 هدفاً من 65 مباراة مع السيتي في عامين فقط، وبطولتان للدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا، وكأس الاتحاد إنجليزي وترشح لدوري أبطال أوروبا ووصيف هداف الدوري الإنجليزي 2011.

ويبدو أن أليكس فيرجسون قد نسى أو تناسى حين أنقذه تيفيز أكثر من مرة من الخسارة خاصةً أمام بلاكبيرن وحارسه العنيد براد فريديل وأمام ليفربول في أنفيلد روود إلخ.

ويبدو أن مانشيني حين توقف عن الكلام أثناء لقائه مع مراسل الجزيرة الرياضية الأسبوع الماضي عندما ذكر الأخير اسم تيفيز أمامه قد نسى الـ21 هدف الذين سجلهم الأرجنتيني وجعلته اليوم حديث أوروبا بمشاركته للمرة الأولى في دوري الأبطال بدلاً من توتنهام صاحب الكرة الممتعة التي لفتت انتباه العالم الموسم الماضي حين أطاحت ببطل السيريا آ.


العبرة!



سيقول قائل، تيفيز قد حصل على أموال طائلة وكان يجب أن يؤدي بها ما عليه، لكن أيها القائل ألم يحصل عشرات اللاعبين على مثل هذه الأموال ولم يؤدوا ما عليهم ولم ينجحوا من الأساس في مهامهم؟ كل اللاعبون يحصلون على رواتب وأموال لكن من الذي يعطني داخل الملعب؟ وعندما يريد هذا الذي صنع لي الإنجازات الرحيل بالتراضي مرة واثنين دون أن أحترم رغبته أقوم بنهش جثته وجلده؟

تيفيز أخطأ في تعامله مع فيرجسون ومانشيني..لكن من الذي بدأ بالخطأ؟ ألم يطلب تيفيز اللعب بصورة مستمرة ولم تلب رغبته في مانشستر يونايتد رغم أنه يعطي ويُسجل كلما نزل كاحتياطي أو كأساسي؟ ألم يطلب تيفيز الرحيل عن السيتي بعد الإلتزام بالعهد الذي قطعه على نفسه بتأهيل الفريق لدوري الأبطال والفوز بكأس الاتحاد؟

أعترف لكم بأن تيفيز سقط في أخطاء كارثية للاعب محترف في بطولة كبرى كالدوري الإنجليزي، ولكن لا يُمكن بعد كل ما فعله ومهما كانت أخطاؤه يُلقى باسمه وصورته وتاريخه في "الزبالة".

حقاً،، كلما زادت معرفتك للبشر؟ زاد احترامك للكلاب!
[color=darkblue][/colo r][b][i]